|
|
مناسبة القصيدة :
ألاح وقد رأى برقا مليحا
|
القصيدة الخامسة حسب شروح سقط الزند ص 237 /(55)بيتاً. (1)
وقد استشهد ابن رشيق وهو من معاصري أبي العلاء مولده عام 390هـ 999م ووفاته عام 456هـ 1070 بالأبيات(3، 18، 19)
في باب التلفيق وهو الباب الذي ختم به كتابه واقتصر فيه على شعر المتنبي وأبي العلاء انظر ذلك في صفحة في موقعنا بعنوان ( أبو العلاء في قراضة الذهب لابن رشيق) قال:وقال المعذل وهو مكحول بن عبيد الله بن عمرو السعدي :
كأنَّ بصفقي جوزِهِ وبنحرهِ = جفاء رُغا خُورٍ إذا هو أزبدا#
فولد (أي أبو العلاء) منه قوله في صفة الفرس :
كأنَّ غبُوقَهُ من فَرْطِ رِيَّ=أبَاهُ جِسمُهُ فبَدا مسيحا#
كأنَّ الركبَ أدى المحضَ منه = فمجَّ لَبانُهُ لبناً صريحا#
=في شروح هذا البيت من هذه القصيدة: والمسيح العرق واللبان الصدر= فجاء في نهاية الجودة والتمكن .
ومن هذه القصيدة قوله في صفة البرق :
إذا ما اهتاجَ أحمرَ مستطيراً = حَسِبْتَ الليلَ زَنْجِيّاً جريحا#
جمع فيه بين قول عدي بن يزيد العبادي يصف سحاباً :
كأنَّ مآتِماً باتتْ عليه =خَضَبْنَ مآلِياً بدمٍ صبيبِ#
المآلي: خرق سود تكوم بيد النوائح يُشرن بها إذا نحْنَ على الميت كأنه يريد صوت الرعد ولمع البرق وقول السري الموصلي :
يسيلُ عن الزِّقِّ الرويُّ كأنَّهُ =جِراحةُ مجروحٍ يسيلُ نجيعُها#
فبيت السري أقرب إليه ، إلا أن الخفي ما في بيت عدي من ذكر المآلي لأنها آلة الإشارة تناسب قول المعري أحمر مستطيراً.
والقصيدة التي نحن في صدد الحديث عنها أشهر أبياتها البيت 11 :
أعُبّــادَ المَسـيحِ يَخـافُ صـَحْبي=ونحـنُ عَبيـدُ مَـنْ خَلَقَ المَسيحا#
وفي شرح التبريزي له ما يكشف عن أجواء القصيدة قال:
(قيلت هذه القصيدة وملك الرُّوم قد خرج من أرض المسلمين وخافَ الناسُ الذين قرُبوا منه فرحَلوا عن أوطانهم.)
وهذا يعني أن مناسبة القصيدة هي نفسها مناسبة تأليف أبي العلاء لكتابه "الصاهل والشاحج" انظر التعريف به في موقعنا هذا.
ثم يمضي أبو العلاء بعد البيت 11 بوصف خروج الشريف أبي إسحاق لصد الروم عن حلب، ويصف فرسه حتى البيت 19 ثم يشيد في البيت 20 بقبيلته بني علي والمراد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ثم يسميهم باسمهم الأقرب في البيت 22 بني إسحاق وينسب ممدوحه في البيت 23 إلى جده أحمد ثم ينسبه إلى رسول الله (محمد) (ص) في البيت 25 ثم يقول:
إليـكَ ابْـنَ الرّسولِ حُثِثْنَ شَوْقاً=ولـم يُحْـذَيْنَ مـن عَجَـلٍ سـَريحا#
ما يعني أن الشريف أبا إبراهيم العلوي اسمه
كما أدانا اجتهادنا: (موسى بن إسحاق بن أحمد)
ويجعله في البيت 26 بمنزلة الإمام علي والحسين (ر) فيقول:
وما فَقَدَ الحُسَينَ ولا عَلِيّاً = وَلِيُّ هُدىً رآكَ له نَصيحا#
ثم يصف مسير إبله إلى الشريف من البيت 28 حتى البيت 35 ثم يخرج إلى وصف مناقب الشريف حتى البيت 42
ويشرع في وصف قصيدة الشريف التي بعث بها إليه في البيت 43 وما بعده:
ولو سَمِعَتْ كلامَكَ بُزْلُ شَوْلٍ = لعادَ هَديرُ بازِلِها فَحيحا#
وقد شَرّفْتَني وَرَفَعْتَ إِسْمي = به وأنَلْتَني الحَظّ الرّبيحا#
أجَلْ ولو أنّ عِلْمَ الغيبِ عندي =لقُلتُ أفَدْتَني أجَلاً فَسيحا#
وكَوْنُ جَوابِهِ في الوَزْنِ ذَنْبٌ=ولكِنْ لم تَزَلْ مَوْلىً صَفُوحا#
وذلكَ أنّ شِعْرَكَ طالَ شِعْري = فما نِلْتُ النّسِيبَ ولا المَديحا#
وهكذا حتى يقول في البيت 51:
فلو صَحّ التّناسُخُ كنْتَ موسى=وكان أبوكَ إسحقَ الذّبيحَا#
ولم تعلق لجنة التحقيق بشيء حول الشريف أبي إبراهيم الذي يرجح أنه المخاطب أيضا بالقصيدة السابقة التي يهنئه فيها بزواجه فيقول:
كنت موسى وافته بنت شعيبٍ = غير أن ليس فيكما من فقير#
وقد وصلنا بيتان فقط من قصيدة الشريف موسى هذا التي وجهها إلى أبي العلاء وليس لهذين البيتين ذكر سوى في هذه الصفحة من سقط الزند.
وقد بحثنا جاهدا فلم نقف لهذا الشريف على ترجمة ومعظم المواقع الأدبية تخلط بينه وبين الشريف أبي إبراهيم محمد بن أحمد بن محمد العريضي الشهير بالشريف الحراني الذي بعث إلى أبي العلاء بقصيدته:
غير مستحسن وصال الغواني =لابن ستين حجة وثمان#
فأجابه أبو العلاء بالقصيدة:
علّلاني فإنّ بِيضَ الأماني =فَنِيَتْ والظّلامُ ليسَ بِفاني#
وجاء في مقدمة القصيدة الخامسة التي نحن في صفحتها ما يلي: وقال أيضاً يجيب الشّريف أبا إبراهيم العلويّ عن قصيدة أولها:
بَعادُك أسهَرَ الجفنَ القَريحا=ودَارُكِ لا تَنِي إلاّ نُزُوحا#
من الوافر الأول والقافية من المتواتر. (2)
عند الخوارزمي:
"وقال أيضاً في الوافر الأول والقافية من المتواتر يجيب أبا ابراهيم العلوي من
قصيدة أولها:
بَعادُك أسهَرَ الجفنَ القَريحا=ودَارُكِ لا تَنِي إلاّ نُزُوحا#
قال الخوارزمي:
الكاف في "بعادكِ" و"دارِك" مكسورة على الخطاب للحبيبة.
والدليل عليه قوله بعد هذا:
أمَيْمَ كما أُتِيح لكِ التجنّي=كذَاك السُّقم للمُضْنَى أُتِيحا#(2)
وقوله: "نزوحا" مفعول به.
إذا قلت : ونَى زيد سيراً، وَفتَر عَدْواً، كان مفعولاً له، وإن كان يحتمل التمييز.
وهذا لأنَّ للمفعول له ثلاثَ شرائط:
إحداها أن يكون مصدراً، والثانية أن يكون فعلاً لفاعل الفعل المعلل،
والثالثة أن يكون لذلك الفعل المعلل مُقارناً في الوجود.
وهذه الشرائط قد وجدت هاهنا بأجمعها.
يريد: لا فتورَ بدارك إلا لعدم قرارك.
الجواب:(3)
ألاحَ وقــد رأى بَرْقــاً مُلِيحـاً=سـَرَى فـأتَى الحِمى نِضْواً طَليحا#
*
والبيت 10 ذكره أبو عباس أحمد بن عبد المؤمن بن موسى القَيْسي الشُّريشي (ت ٦١٩ هـ) في شرحه لمقامات الحريري في شرح المقامة الخامسة والثلاثين وتعرف بالشيرازية قال:
قال المعرّي:
بأرض للحمامة أن تغنّى= بها ولمن تأسف أن تنوحا #
(1)ديوان أبي العلاء المعري المشهور بسقط الزند.وقف على طبعه جناب العالم الاديب والشاعر البليغ المعلم شاكر شقير البستاني مساعد في تأليف دائرة المعارف واضيف اليه جدول قاموسي يتضمن الالفاظ اللغوية طبع بنفقة الخواجا لطف الله الزهار صاحب المكتبة الوطنية ( بالمطبعة الادبية في بيروت سنة 1884) القصيدة ص 16
(2)في الأصل( لذاك).
(3)أي جواب أبي العلاء عن قصيدة الشريف.
****
وورد البيت (19و52) في مآخذ ابن العربي على البطليوسي ورد البطليوسي عليه في كتاب "الانتصار ممن عدل عن الاستبصار" تحقيق الدكتور حامد عبد المجيد قال ابن السِّيد البطليوسي (444ـ521هـ ):
القصيدة الخامسة حسب شروح سقط الزند مطلعها (ألاحَ وقد رأى بَرْقاً مُلِيحاً) البيت (19):
ولما وصلت إلى قوله:
كأنَّ الركض أبدى المَحضَ منه =فمجَّ لَبَانُهُ لَبناً صَرِيحا#
وجدتنا قد قلنا في شرحه "إنما قال هذا؛ لأن عرق الخيل إذا جف عليها ابيضَّ"، وأنشدنا قول طُفيل الغَنوي يصف الخيل:
كأن يبيسَ الماء فوق مُتونها = أشاريرُ مِلح في مَباءة مُجرب#
وأنشدنا شاهدا آخر على ذلك قول بشر:
تَراها من يَبيس الماء شُبهاً =مُخالِطَ دِرَّهٍ منها غرارُ#
كتبت في الطرة:
فلم احمرّ عرق فرس الكندي مع كمتته؟
فما هذه الأعجوبة أبقاك الله .
متى وصف الكندي قط عرق فرسه أنه أحمر؟ !
إنما قال:
كأنّ دماء الهاديات بنحره =عصارة حنِّاء بشيب مرجَّل#
فشبه حمرة دم الصيد على صدره بحمرة الحناء على الشيب.
فانتقد هذا عليه بعض أصحاب المعاني وقالوا:
إنما كان يصح تشبيه حمرة الدم على صدره بحمرة الحناء على الشيب لو كان الفرس أشهب. وقد ذكر أنه كان كميتا في قوله:
كميت يزل اللبد عن حاله متنه = كما زلت الصفواء بالمتنزل#
فإذا صح أنه كان كميتا بطل التشبيه. فقال آخرون:
إنما قال هذا لأن الفرس عرق ويبس العرق على صدره فابيض فصار لذلك كالأشهب، كما قال بشر: (تَراها من يبيس الماء شُبها)
فرد عليه آخرون فقالوا:
قد وصف امرؤ القيس فرسه بأنه لم يعرق في قوله:
(...ولم يَنْضح بماء فيغسل)
فبطل ما اعتذر ثم به، فرد عليهم خصماؤهم بأن قالوا:
لم ينف عنه امرؤ القيس العرق في جميع الأوقات، لأن ذلك عيب في الفرس، وإنما وصف أنه صاد قبل أن يعرَق، وهذا لا يبطل أن يكون قد عَرِق بعد ذلك.
والدليل على أنه عرِق بعد الصيد قوله:
ورحنا وراح الطّرف ينفض رأسه = أذاةً به من صَائكٍ مُتحلِّب#
هذا إفصاح بأنه إنما نفى عنه العَرق في وقت الصيد وقبله، ولم ينفه بعده.
واختلف أصحاب المعاني في اختضاب صدره بالدّم على أي جهة كان.
فقال بعضهم: أراد أن راكبه لما طعن الثور أو النعجة ثار الدم من الطعنة إلى صدره فاختضب به.
وقال آخرون: بل كانوا يخضبون قوائم الفرس أو صدره بدم صيده ليعلم من يراه أنه قد صاد، واحتجوا بقول امرئ القيس:
وقام طوال الشخص إذ يخضبونه =قيام العزيز الفارسي المنطق#
وقال زهير:
فرحنا به ينضو الجياد عشية= مخضبة أرساغه وعوامله#
ورأيناك لما وصلت إلى قول المعري في هذه القصيدة:
ويُوشعُ ردَّ يُوحاً بعضَ يومٍ = وأنتَ متى سَفَرت ردَدْتَ يُوحا#
في نشرة الموقع (يُوحى...يُوحى) وفي كتاب "الانتصار" (يُوحاً...يُوحَا).
وجدت في الشرح أن بعض النسابين قال:
أن يوشع ابنُ أخت موسى - صلى الله عليهما وسلم - فكتبت في الطرة:
(إنما هو عبد موسى في كتاب الله تعالى).
وهذا شيء لا يلزمنا؛ لأنا لم ننكر أنه كان فتى موسى، وإنما حكينا ما قاله النسابون:
فإن كان ما قالوه صحيحا فليس في كونه عبد موسى وفتاه ما يناقض ذلك ويأباه؛ لأن العبد يسمى به غير المملوك، وذلك معروف في اللغة، كقول الشاعر:
نعى الناعي الزبير فقلت تنعي= فتى أهل الحجاز وأهل نجد#
خفيفُ الحاذ، نسَّال الفيافي = وعبدٌ للصحابة غيرُ عبد#
|
|
|